ملكة الاحزان مشرف سابق
الدولة : المحافظة : البحيرة المدينة : دمنهور الجامعة : الإسكندريه فرع دمنهور الكلية : كلية الآداب الفرقة : الرابعة قسم : التاريخ الشعبة : عامة عدد المساهمات : 4154 العمر : 35 الجنس :
| موضوع: الأخبار الطوال الجمعة 16 أكتوبر 2009, 22:55 | |
| المؤلف:
هو العلامة ذو الفنون أحمد بن داود بن وتند الدينوري النحوي ، كان لغوياً مهندساً منجماً حاسباً. أخذ عن البصريين والكوفيين وأكثر أخذه عن ابن السكيت ، مات سنة 282هـ. ولم أقف على تاريخ مولده أو عمره ، له من المؤلفات كتاب النبات وقد أثنى عليه العلماء بسببه ، وكتاب الأنواء ، وكتاب الجبر والمقابلة ، وكتاب القبلة والزوال ، وكتاب الأخبار الطوال ، وكتاب الشعر والشعراء ، وكتاب ما يلحن فيه العامة.
قال ابن النديم : ثقة فيما يرويه ويحكيه. وقال أبو حيان : أبو حنيفة الدينوري من نوادر الرجال جمع بين حكمة الفلاسفة وبيان العرب ، له في كل فن ساق وقدم ، ورواء وحكم. وقال الذهبي : صدوق ، كبير الدائرة ، طويل الباع ، ألف في النحو واللغة والهندسة والهيئة وأشياء ، فهو واسع الثقافة مشارك في كثير من العلوم حتى عده بعضهم من كبار علماء المذهب الحنفي.
ومن خلال قراءتي لكتابه (الأخبار الطوال) تبين أنه تنزعه عرق فارسية مع ميول شيعية.
منهجه في كتابه الأخبار الطوال :
يبدأ كتاب الأخبار الطوال بالحديث عن أولا آدم عليه السلام وأنهم تفرقوا في الأرض بعد أن كثروا ووقع بينهم التنازع ، ثم يذكر الأنبياء إلى إسماعيل عليه السلام ، بإشارات موجزة ، ثم يدخل في التاريخ الإسلامي الفارسي ، فيؤرخ لملوكهم ويذكر من كان يعاصرهم في جزيرة العرب ، وفي بلاد الروم خاصة الإسكندر الروماني ، ويسترسل في التاريخ الفارسي ويورد معلومات مفصلة وواسعة عن التاريخ الفارسي إذا قورنت مع ما يورده بقية المؤرخين المسلمين ، وهو يذكر لنا تاريخ المناطق المجاورة من خلال هذا التاريخ ، ويشير إشارة موجزة في أسطر إلى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعثته وعدد سنوات لبثه في مكة والمدينة ثم وفاته.
ثم لا يذكر شيئاً من تاريخ الخلفاء الراشدين ، ولا الأحداث الداخلية في جزيرة العرب مثل حروب الردة ، وإنما يذكر الفتوحات الإسلامية في بلاد فارس دون غيرها من الفتوحات في الشام ومصر والمغرب ، ويتتبع الأحداث في بلاد الفرس حتى سقوط آخر ملوكهم (يزدجرد) ومقتله في سنة 30هـ.
وبعد ذلك يلتفت للأحداث والفتن المؤلمة التي وقعت بين المسلمين ، فيتتبعها بنفس طويل ، وتفصيل عجيب ، فيذكر مقتل عثمان ، وبيعة علي بن أبي طالب في إشارة موجزة ، ثم يفصل في معركة الجمل ، وصفين ، وظهور الخوارج ، ومقتل علي على أيديهم ، وبيعة الحسن ، ومقتل الحسن ، ويفصل في ذلك تفصيلاً دقيقاً .
ثم يتعرض للحديث عن دعوة عبد الله بن الزبير ، وفتنة المختار بن أبي عبيد ، وثورة ابن الأشعث ، وثورات الخوارج المتعددة ، ودور المهلب بن أبي صفرة في حربهم ، ويذكر الخلفاء الأمويين من خلال الأحداث الداخلية في الدولة الإسلامية ، ثم يؤرخ لظهور الدعوة العباسية وتعاظمها حتى سقوط الدولة الأموية ، ثم يؤرخ للخلفاء العباسيين حتى وفاة المعتصم بن الرشيد سنة 227هـ ، ويقف عند هذا التاريخ مع أنه قد عاش إلى سنة 282هـ .
وموارد أبي حنيفة الدينوري في كتابه هذا غير واضحة كثيراً لأنه لا يستعمل الإسناد ، ولا ينص على غالب مصادره ، وإنما قال في أول كتابه ، وجدت في كتب أهل العلم بالأخبار الأولى. ثم يسرد الكتاب في أسلوب قصصي متماسك وعبارة واضحة. وعند بداية كل موضوع جديد يستعمل كلمة ( قالوا) أي أهل العلم اللذين وجد هذه الأخبار في كتبهم.
وأشار إشارات بسيطة إلى أسماء بعض من أخذ عنهم ، فأشار إلى عبيد بن شرية الجرهمي ، صاحب كتاب الملوك وأخبار الماضين بقوله : (وذكر عن ابن الشرية) ، وأشار إلى عالم نسابة هو ابن الكيس النمري. بقوله : ( وذكر عن ابن الكيس النمري أنه قال) كما نقل عن الكلبي ، وعن الأصمعي ، وعن الشعبي وأكثر من صرح بالنقل عنه الهيثم بن عدي ، فقد صرح باسمه في عشرة مواضع وتعليقاته على الأخبار التي يسوقها قليلة جداً وترجيحه وموازنته بين الأخبار معدوم .
وهو يكتفي بذكر رواية واحدة يختارها ولا يشير إلى خلافها ، ولذلك وقع في بعض الأخطاء مثل قوله : (إن الإسكندر الروماني هو ذو القرنين الرجل الصالح الذي ذكر الله قصته في القرآن الكريم ، ومثل قوله : إن شعيباً صاحب موسى هو شعيب النبي ، ولم يذكر الخلاف في ذلك مع أن الراجح تغاير شخصيتيهما ، وكذلك قوله : إن الذي صلبه اليهود والقي شبه عيسى عليه هو يحيى بن زكريا النبي ).
وبعض الأخبار يجتزؤها ثم يقول : إن ذلك حديث مشهور ، وفي أخبار الأنبياء ، يحيل على الآيات القرآنية ولا يورد نصها ويستشهد بالأشعار كثيراً.
ويذكر في بعض السنوات أسماء من توفي فيها ، وفي خلافه هارون الرشيد ، خرج على القاعدة التي سار عليها في ترتيب كتابه ، فساق أحداث خلافته على أساس الترتيب الحولي ، فيذكر ما صار في كل سنة ، ويحدد غالباً عندما يذكر وفاة أحمد الخلفاء ، وخاصة العباسيين مدة خلافته ، وتاريخ ولادته وعمره.
وطريقة الدينوري هي انتقاء بعض الأحداث ، وبعض الروايات التي تخدم اتجاهه ، والتركيز عليها ومتابعتها حتى تنتهي ، وخاصة في تاريخ الدولة الإسلامية ، ولذلك سمى كتابه الأخبار الطوال ، فهو مجموعة أخبار منتقاة لا تاريخ شامل ، كما أنه يمثل الأخباريين الذين يكثر في كلامهم الخلط والتزيد على أصول الحوادث والأخبار مع عدم تحقيق أو ذكر الإسناد على الأقل ، لتتضح الرؤية للناقد والمحقق بعدهم.
والذي ينظر للتاريخ الإسلامي من خلال كتاب الأخبار الطوال لا يجد إلا صورة قاتمة من الصراع الداخلي، والتطاحن على الملك ، والعصبية ، ولا نتهم الدينوري باختراع الأخبار من عند نفسه ، لكن طريقة العرض والانتقاء كان لها الدور في رسم مثل هذه الصورة.
وكتاب الأخبار الطوال للدينوري غير واضح التأثير في الكتابة التاريخية لاقتصاره على اتجاه واحد هو الاتجاه الشعوبي ، كما أن المؤرخين من بعده لم يحلوه بمنزلة رفيعة ، كما فعلوا بتاريخ خياط ، رغم وجازته واختصاره ، أو تاريخ أبي جعفر الطبري ، لذلك نجد الاقتباسات عنه في المصادر المتأخرة قليلة.
منهج كتابة التاريخ الإسلامي ، للدكتور محمد بن صامل السلمي ، ص 516 | |
|