آداب دمنهور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

آداب دمنهور


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دولة الموحدين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
historical
Administrator
Administrator
historical


الدولة : مصر
المحافظة : البحيرة
المدينة : فى قلب الحدث
الجامعة : الإسكندريه فرع دمنهور
الكلية : كلية الآداب
الفرقة : خريج
قسم : التاريخ
الشعبة : عامه
عدد المساهمات : 2499
العمر : 37
الجنس : ذكر

دولة الموحدين Empty
مُساهمةموضوع: دولة الموحدين   دولة الموحدين Icon_minitimeالجمعة 05 سبتمبر 2008, 13:30

دولة الموحدين.. ملامح بدايةحدود دولة الموحدين بالمغرب والأندلسظهر المهدي بن تومرت في القرن السادس الهجري، وبدأدعوته الإصلاحية في المغرب؛ فدعا الناس إلى التوحيد الخالص، ولهذا أُطلق على أنصارهاسم "الموحدين"، وسُميت الدولة التي قامت على دعوته دولة "الموحدين"، وجهر بالأمربالمعروف والنهي عن المنكر، ودعا لنفسه على أنه المهدي المنتظر والإمام المعصومالذي يحكم بين الناس بالعدل، واتخذ منهجا في الفقه يقوم على الدراسة المباشرةللقرآن والسنة دون دراسة فروع المسائل الفقهية التي كانت سائدة في المغرب علىالمذهب المالكي. وكان المهدي بن تومرت يطوف بمدن المغرب يدعو الناس إلى الإصلاحوالالتزام بالشرع ومحاربة البدع والمنكرات، وقد لاقت دعوته قبولا بين الناس،فالتفوا حوله أينما نزل. وفي إحدى جولاته التقى بعبد المؤمن علي الكومي، وكاناللقاء في "ملالة" بجانب ميناء "بجاية" شرقي الجزائر.
نشأة عبد المؤمن علي الكوميوأبو محمد بنعلي الكومي من أصل بربري، ولد في قرية "تاجرا" الجزائرية التي تبعد نحو ثلاثة أميالعن مرسى "هنين" على ساحل البحر المتوسط، ولا يُعرف على سبيل اليقين تاريخ مولده. وفي قريته حفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ودرس شيئا من الفقهوالسيرة النبوية، ثم رحل إلى تلمسان، وكانت من حواضر العلم، وتلقى العلم على عدد منكبار العلماء، في مقدمتهم الشيخ "عبد السلام التونسي" إمام عصره في الفقه والحديثوالتفسير، ثم استعد للرحلة إلى المشرق؛ طلبا للمزيد من المعرفة. وقبل الرحيل سمعبوجود فقيه جليل يتحدث الناس عن علمه الغزير، فاشتاق إلى رؤيته، فاتجه إليه حيثيقيم في بلدة "ملالة" القريبة من "بجاية" بمسافة قليلة. وفي هذا اللقاء أُعجب عبدالمؤمن بشخصية "ابن تومرت" وغزارة علمه وقدرته على حشد الأنصار والأتباع، وتخلى عنفكرة السفر إلى المشرق، ولزم ابن تومرت، ودرس على يديْه، وكان عالما كبيرا وفقيهامتبّحرا، ودرس في المغرب، ورحل إلى المشرق، وقابل العلماء، وأخذ عنهم، ثم توثقتالصلة بين الرجلين، ثم غادرا "ملالة"، واتجها إلى "فاس"، وفي أثناء الرحلة لم يكفالمهدى عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكسر آلات اللهو، وإراقة الخمر حتى وصلإلى مدينة فاس، فأقام بها يدرّس العلم إلى سنة (514هـ= 1120م)، ثم ارتحل ومعه عبدالمؤمن بن علي الكومي إلى مراكش عاصمة دولة المرابطين، فأقاما بها في (ربيع الأول 515هـ = 1221م).
بداية الصدام مع دولة المرابطينأقام المهدي بن تومرت في مراكش وأخذ في الدعوة إلىالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعترض على سياسة الدولة في بعض الأمور التي رآهامخالفة للشرع، ووعظ السلطان حين قابله في المسجد وطالبه بتغيير المنكر، فلما استفحلأمره وتجمع الناس حوله دعا الأمير "علي بن يوسف" العلماء إلى مناظرته فغلبهم بقوةلسانه وحدّة ذكائه وسعة علمه، ولم يجد الأمير مفرًا من طرده من عاصمته، معتقدا أنذلك كافٍ لزوال خطره على سلطانه، واتجه المهدى بأتباعه إلى "تينملل" وبدأ فيتنظيمهم وإعدادهم، وجعلهم في طبقات على رأسها الجماعة التي تمثل أعلى سلطة فيحكومته، وهي تتألف من عشرة رجال، كان من بينهم عبد المؤمن بن علي الكومي، ثم أخذالبيعة لنفسه في (غرة المحرم 516هـ= 12 من مارس 1122م)، واستعد لمواجهة المرابطينبجذب الأتباع والأنصار وتجهيز الحملات العسكرية التي حققت بعض الانتصارات، وشاركالمهدي في تسع غزوات منها، ولكنها لم تكن كافية لتقويض الحكم المرابطي، وشجعت هذهالانتصارات زعيم الموحدين فأرسل حملة كبيرة بلغت 40 ألف جندي لمهاجمة مراكش عاصمةالمرابطين والاستيلاء عليها، ولكنها لقيت هزيمة ساحقة سنة (524 هـ= 1130م) في معركةسميت بمعركة "البحيرة"، على مقربة من أسوار مراكش، وقُتل معظم الجيش الموحدي، ولمينج من القتل سوى عدد قليل، تسلل تحت جنح الظلام إلى "تينملل"، ولما وصلت أنباءالهزيمة إلى المهدي الذي كان مريضا ساءت صحته وخاب أمله ثم لم يلبث أن توفي في (13رمضان 524هـ= 20 من أغسطس 1130م).
الكومي زعيمًاللموحدينتحمل عبد المؤمن علي الكومي أعباء الدعوةعقب وفاة أستاذه، وكانت المسئولية جسيمة بعد الهزيمة المدوّية التي لحقت بالموحدين،واستطاع في صبر وأناة أن يعيد تنظيم شئون دعوته ويجند أنصارا جددا، واستغرق منه ذلكنحو عام ونصف حتى إذا آنس في نفسه قوة وثقة بدأ في الاستعداد لمناوشة المرابطين،وظل يناوشهم دون الدخول في معارك حاسمة، واستمر هذا الوضع حتى سنة (534هـ= 1130م)،وكان عبد المؤمن في أثناء هذه الفترة يعمل على زيادة نشر الدعوة الموحدية وجذبقبائل جديدة للدخول في طاعته وتوسيع رقعة دولته كلما سمحت له الظروف، وبخاصة فيالجهات الجنوبية والشرقية من المغرب.
سقوط دولةالمرابطينرأى عبد المؤمن أن الفرصة قد سنحت للقضاءعلى المرابطين، فآثر أن يسرع في ذلك، وأن يبدأ بمهاجمتهم في قلب دولتهم، فجهز جيشًاعظيمًا لهذا الغرض، وخرج به من قاعدته "تينملل" سنة (534 هـ = 1140م)، واتجه إلىشرق المغرب وجنوبه الشرقي؛ لإخضاع القبائل لدعوته، بعيدًا عن مراكش مركز جيشالمرابطين القوي، وأنفق عبد المؤمن في غزوته الكبرى أكثر من سبع سنوات متصلة، أبدىفيها ضروبًا من الحيل الحربية والمهارة العسكرية؛ وهو ما جعل الجيش المرابطي يحل بهالوهن دون أن يلتقي معه في لقاءات حاسمة ومعارك فاصلة. وفي أثناء هذه الغزوة توفيعلي بن يوسف سلطان دولة المرابطين سنة (537هـ = 1142م) وخلفه ابنه تاشفين، لكنه لميتمكن من مقاومة جيش عبد المؤمن، الذي تمكن من دخول تلمسان سنة (539هـ=1144)،فتراجع تاشفين، إلى مدينة "وهران"، فلحقه جيش الموحدين، وحاصروا المدينة وأشعلواالنيران على باب حصنها، ولما حاول تاشفين الهروب من الحصن سقط من على فرسه ميتًا في (27 من رمضان 539 هـ = 23 من مارس 1145م)، ودخل الموحدون مدينة وهران، وقتلوا منكان بها من المرابطين. بعد وهران تطلع عبد المؤمن إلى فتح مدينة فاس، فاتجه إليها،وضرب حولها حصارًا شديدًا، ظل سبعة أشهر، وعانى أهلها من قسوة الحصار، واضطر واليهاإلى التسليم فدخلها الموحدون في (14 من ذي القعدة 540 هـ = 5 من مايو 1145م). ثمدخلت كل من مدينتي سبتة وسلا في طاعة الموحدين قبل أن يتجهوا إلى تراشك لفتحها،وكان يعتصم بها إسحاق بن علي بن تاشفين، وضرب الموحدون حصارًا حول المدينة دام أكثرمن تسعة أشهر، أبدى المدافعون عن المدينة ضروبًا من الشجاعة والبسالة، لكنها لم تغنعنهم شيئًا، واستولى الموحدون على المدينة في (18من شوال 541هـ = 24 من مارس 1147م)، وقتلوا إسحاق بن علي آخر أمراء المرابطين بعد أن وقع أسيرًا، وبذلك سقطتدولة المرابطين، وقامت دولة جديدة تحت سلطان عبد المؤمن بن علي الكومي الذي تلقببلقب "خليفة".
استكمال الفتحانتهز جماعة من الزعماء الأندلسيين فرصة انشغالالمرابطين بحرب الموحدين بالمغرب، فثاروا على ولاتهم التابعين لدولة المرابطين،وأعلنوا أنفسهم حكامًا واستبدوا بالأمر، وتنازعوا فيما بينهم يحارب بعضهم بعضًا. فلما تمكن عبد المؤمن بن علي من بسط نفوذه على المغرب بدأ في إرسال جيش إلى الأندلسسنة (541هـ = 1146م)، فاستعاد إشبيلية واتخذها الموحدون حاضرة لهم في الأندلس، ونجحيوسف بن علي قائد جيش الموحدين من بسط نفوذه على بطليوس وشمنترية، وقادس، وشلب، ثمدخلت قرطبة وجيان في طاعة الموحدين سنة (543هـ= 1148م)، واستعادوا "المرية" سنة (552هـ = 1157م) من يد الأسبان المسيحيين، وبذلك توحدت بقية الأندلس الإسلامية تحتسلطانهم، وعين عبد المؤمن ابنه "أبا سعيد عثمان" واليًا عليها. وفي سنة (555 هـ = 1160م) أمر عبد المؤمن ابنه ببناء حصن ومدينة على سفح جبل طارق الذي سُمّي بجبلالفتح –ولا تزال قطعة من هذا البناء باقية إلى اليوم في جبل طارق وتعرف بالحصنالعربي- وعلى إثر ذلك عبر عبد المؤمن من طنجة إلى الأندلس ونزل بجبل الفتح، وأقامشهرين أشرف خلالهما على أحوال الأندلس ثم عاد إلى مراكش. وقبل أن يعبر عبد المؤمنإلى الأندلس كان قد تمكن في سنة (547 هـ = 1152م) من فتح المغرب الأوسط وضم إلىدولته الجزائر وبجاية وقلعة بني حماد، وجعل ابنه عبد الله واليًا على المغربالأوسط، وعهد إليه بمواصلة الفتوح شرقًا، فنجح فيما عُهد إليه، كما نجح في القضاءعلى النورمانديين الصليبيين وطردهم من تونس التي كانوا قد احتلوها. وفي أواخر أيامعبد المؤمن حدث تمرد في شرق الأندلس، فأسرع إلى هناك وقمع الثائرين وقضى علىالفتنة، ثم عاد إلى المغرب، وعندما وصل إلى "سلا" نزل به المرض، ولم يلبث أن توفيفي (10 من جمادى الآخرة 558 = 16 من مايو 1162م) ودفن في "تينملل" بجوار قبر المهديبن تومرت.
عبد المؤمن بن علي في التاريخحكم عبد المؤمن بن علي أربعًا وثلاثين سنة تعد منأزهى عصور المغرب، ورث عن ابن تومرت حركة ثائرة فحولها إلى دولة، ومد سلطانها حتىشلمت المغرب كله وما بقي من الأندلس ووضع لها القواعد والنظم الإدارية التي تمكن منتسيير أمور الدولة وإدارة شئونها. ويحفظ التاريخ رسالة طويلة بعث بها عبد المؤمنإلى أهل الأندلس، تعد دستورًا لنظم الحكم الموحدية، أكد فيها على اتصال الولاةبالناس دون وساطة، ودعا إلى أن تكون العقوبة على قدر الجريمة، ولا يطبق الإعدام علىأي شخص دون الرجوع إلى الخليفة ورفع تفاصيل جريمته إليه، وحث الولاة على محاربة صنعالخمر، وألا يفرضوا غرامات أو مكوس على رعيتهم إلا بإذن منه. ونظم عبد المؤمن أموردولته وجعل لها مؤسسات، فللعدل والنظر في الشكايات وزير، ولأعمال الحرب والجهادوزير يسمى "صاحب السيف"، وللثغور وزير، وللشرطة رئيس يسمى "الحاكم"، وجعل للكتابةوالمراسلات وزيرًا من أهل الرأي والبلاغة، وكان لعبد المؤمن مجلس خاص للنظروالمشاورة يحضره الفقهاء ونواب القبائل وكبار رجال الدولة. وعني عبد المؤمن بن عليبالجيش حتى صار من أعظم الجيوش في وقته، وكان هو نفسه قائًدا عظيمًا وجنديًاممتازًا، يشاطر جنوده مشقة الطريق وتقشف الحياة العسكرية، واجتمع له من الجيوشالجرارة ما لم يجتمع لملوك المغرب مثله، حيث حقق به انتصارات رائعة. وشهد عصره حركةإصلاح اجتماعي، فحارب المنكرات بلا هوادة، واشتد في محاربة الخمر وإنزال العقوبةعلى شاربيها، وكان حريصًا على أن تقام الصلوات في مواقيتها، وأن تجمع الزكاة وتصرففي مصارفها الشرعية. وكان عبد المؤمن إلى جانب براعته الإدارية والعسكرية، فقيهًاحافظًا لأحاديث رسول الله، له بصر بالنحو واللغة والأدب، محبًا لأهل العلم، لايُعرف عنه ميل إلى اللهو، بل كان جادًا وافر العقل، مسلمًا شديد الغيرة على الدين،متحمسًا لكل ما يصلحه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
historical
Administrator
Administrator
historical


الدولة : مصر
المحافظة : البحيرة
المدينة : فى قلب الحدث
الجامعة : الإسكندريه فرع دمنهور
الكلية : كلية الآداب
الفرقة : خريج
قسم : التاريخ
الشعبة : عامه
عدد المساهمات : 2499
العمر : 37
الجنس : ذكر

دولة الموحدين Empty
مُساهمةموضوع: رد: دولة الموحدين   دولة الموحدين Icon_minitimeالجمعة 05 سبتمبر 2008, 13:34

معركة العقاب.. نهاية دولة الموحدينقامت دولة الموحدين في المغرب في القرن السادس الهجري على أساس دعوة دينيةخالصة، تلتزم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتستهدف إقامة خلافة إسلامية تعودبالمسلمين إلى عهد الخلفاء الراشدين، وكان يقود هذه الدعوة الإصلاحية الشيخ "محمدبن تومرت"، وجمع حوله الأتباع إليه، ثم قام تلميذه "عبد المؤمن بن علي الكومي" بمتابعة دعوته، وتنظيم الأعوان، ودخل في صراع مع دولة المرابطين دام أكثر من خمسةعشر عامًا، إلى أن نجح في إحكام قبضته على المغرب الأقصى، ودخول مراكش عاصمةالمرابطين في سنة (541هـ= 1146)، معلنًا شروق دولة جديدة، هي دولة الموحدين.
الموحدون بالأندلسوبعد نجاح "عبد المؤمن بن علي" في إقامة دولته بالمغرب، وإرساء دعائمها،ووضع نظمها وقوانينها ـ اتجه إلى الأندلس لضمها إلى دولته، وتنظيم شئونها والدفاععنها ضد هجمات النصارى، فنجم في ذلك، وأقام على قواعد الأندلس رجالاً من آل بيته. الموحدون بالأندلسوبعد وفاته سنة (558 هـ= 1163م) خلفه ابنه "يوسف" فاستكمل سياسية أبيه، ووطّد نفوذ دولته في الأندلس، وبعث إليهابالجيوش لتأمين ثغورها، وتقوية إماراتها، وفي إحدى غزواتها فيها سنة (579 هـ= 1183م) أصيب بسهم عند أسوار "شنترين"، فرجع إلى مراكش مصابًا، وقضى نحبه بها سنة (580هـ= 1184م). بطل معركة الأركولي "يعقوب بنيوسف بن عبد المؤمن" خلافة دولة الموحدين بعد أبيه، وتلقب بالمنصور، وكان قائدًاماهرًا، وسياسيًا قديرًا، ورجل دولة من الطراز الأول، ويعد من أبطال المسلمينالعظام في القرن السادس الهجري. وقد أولى المنصور الموحدي عناية فائقة بالأندلس،وتأمينها ضد هجمات مملكتي قشتالة وليون المسيحيتين، واتخذ من عقد معاهدات الصلحمعها سبيلاً إلى تحقيق الأمن في الأندلس، ثم اضطرته الأحداث إلى خوض المعارك ضدهماحين نقضا المعاهدات ونكثا بالعهود وهاجما أراضي المسلمين، وكانت معركة "الأرك" التيخلّدها التاريخ هو بطلها الأول، ووقعت أحداثها في (التاسع من شعبان 591هـ= 18 منيوليو 1195م) عند حصن الأرك، وأسفرت عن نصر مؤزر للمسلمين، وانكسار حدة الهجماتالنصرانية بعد أن خسرت القوات القشتالية نحو ثلاثين ألفا، وسيأتي تفاصيل ذلك الحدثالعظيم في يومه من شهر شعبان.
عناية يوسف وابنهالمنصور بالأندلسلم تقتصر عناية الموحدين بتوفيرالأمن والحماية للأندلس، وتقوية ثغورها وقواعدها، وإنما تعدى الاهتمام إلى الارتقاءبالأندلس والنهوض به، ورعاية مظاهر النهضة فيه، فأقام الخليفة "يوسف بن علي" بعضالمشروعات في إشبيلية، لعل من أشهرها بناء القنطرة على نهر الوادي الكبير، وتأسيسجامع إشبيلية الأعظم سنة (567 هـ= 1172م)، ثم أتم ابنه المنصور مئذنته الكبيرة سنة (584هـ= 1188م)، لا تزال هذه المئذنة قائمة حتى الآن، وتعرف باسم "لا خيرا لدا" ويبلغ ارتفاعها 96 مترًا.
ما قبل موقعة العقاببعد هزيمة "ألفونسو الثامن" ملك قشتالة وليون فيمعركة الأرك عقد هدنة بين المسلمين والنصارى سنة (594هـ= 1198م)، غير أن تلكالهزيمة كانت تؤرق مضجعه، وتثير في نفسه نوازع الانتقام، ومحو أثار هزيمته المخزية،فانتهز فرصة الهدنة في تحصين قلاع بلاده الواقعة على الحدود، ونبذ الفرقة والخصاممع خصومه من ملوك النصارى، حتى إذا وجد في نفسه القوة، نقض المعاهدة، وأغار علىبلاد المسلمين، فعاث فسادًا في أراضي جيان وبياسة وأجزاء من مرسية. ولم يكن أمامسلطان الموحدين الناصر "محمد بن يعقوب" الذي خلف والده المنصور بد من التجهيزوالإعداد، لأخذ ملك قشتالة على يده، فاستنفر المسلمين للغزو والجهاد، فجاءته الجيوشمن سائر أقطار المغرب الإسلامي، وعبر البحر إلى الأندلس في (19 من ذي القعدة 607هـ= 4 من مايو 1211م) ووصل إلى إشبيلية، وأقام بها لإعداد جيشه وتنظيم قوته، ثم تحرك فيمطلع سنة (608 هـ= 1211 م) صوب مملكة قشتالة، واستولى على قلعة "شلطبرة" إحدى قلاعمملكة قشتالة بعد حصار دام ثمانية أشهر، ثم عاد بجيشه إلى إشبيلية بعد دخول فصلالشتاء، ورغبة منه في إراحة جيشه.
المعسكر القشتاليترك ألفونسو الثامن قلعة شلطبرة تقع في قبضةالمسلمين دون أن يتحرك لنجدتها وإنقاذها، وصرف همه إلى استنفار أوروبا كلها ضدالمسلمين في الأندلس، وبعث الأساقفة إلى البابا "أنوسنت الثالث" بروما يناشده إعلانالحرب الصليبية في أوروبا، وحث بأهلها وشعوبها على السير إلى إسبانيا لقتالالمسلمين، وعقد مؤتمرًا لتوحيد جهود الإمارات المسيحية في أسبانيا لقتال الموحدين،وأطلق صيحته المشهورة: "كلنا صليبيون"، فتوافدت على طليطلة، جموع النصارى المتطوعينمن كافة أنحاء المدن الأسبانية، يقودهم القساوسة والأساقفة. وقد أثمرت جهود "ألفونسو الثامن" في استنفار أوروبا كلها ضد المسلمين، فأنذرهم البابا بتوقيع عقوبةالحرمان الكنسي على كل ملك أو أمير يتأخر عن مساعدة ملك قشتالة، كما أعلن الحربالصليبية، وتوافدت جحافل الصليبيين من كل أنحاء أوروبا، استجابة لدعوة البابا،واجتمع منهم نحو سبعين ألف مقاتل، حتى إن طليطلة لم تتسع لهذه الجموع الجرارة،فأقام معظمهم خارج المدينة.
استيلاء الصليبيين علىقلعة رباحتحركت هذه الجيوش الجرارة التي تجاوزتمائة ألف مقاتل تحت قيادة "ألفونسو الثامن" من مدينة طليطلة في (17 من المحرم سنة 609هـ= 2 من يونيو 1212م)، فاخترقت حدود الأندلس، وضربت حصارًا حول قلعة رباح،وكانت حاميتها صغيرة نحو سبعين فارسًا، دافعوا عن موقعهم بكل شجاعة وبسالة، واستنجدقائد الحامية "أبو الحجاج يوسف بن فارس" بالخليفة الناصر الموحدي، لكن رسائله لمتكن تصل إلى الخليفة، فلما طال الحصار، ورأى "ابن قادس" استحالة المقاومة مع فناءالأقوات وقلة السلاح، ويئس من انتظار وصول المدد، صالح ألفونسو على تسليم الحصن له،على أن يخرج المسلمونآمنين على أنفسهم، واستمر زحف القوات الصليبية؛ فاستولت علىحصن الأرك، وبعض الحصون الأخرى.
الجبهة الإسلاميةولما علم الناصر بخروج الجيوش المسيحية المجتمعة،خرج للقائهم، واستنفر الناس من أقاصي البلاد، فاجتمعت إليه جيوش كثيفة من القبائلالمغربية والمتطوعة وجند الموحدين النظاميين، وجند الأندلس، وتألف من تلك الجموعالجرارة جيش عظيم بلغ نحو ثلاثمائة ألف مقاتل، وكان ممن وفد عليه بإشبيلية "أبوالحجاج يوسف بن قادس" قائد حامية رباح، فأمر الناصر بقتله دون أن يسمع حجته أو يحاطعلمًا بملابسات التسليم، وأثار قتله غضب الكتائب الأندلسية على الخليفة الناصرالموحدي.
اللقاء المرتقباستعد كل من الطرفين للقاء، والتقيا في أحد الوديان بين جبال سير مورينا،وهضبة لينارس، بالقرب من بلدة "تولوسا"، ويطلق الأسبان على هذه الوديان اسم نافاس؛ولذا عرفت الموقعة عندهم باسم "لاس نافاس دي تولوسا"، ويسمي المؤرخون المسلمون هذاالموضع بالعقاب، نسبة إلى حصن أموي قائم بالقرب من المكان الذي دارت فيه المعركة. وفي (15 من صفر 609 هـ= 17 من يوليو 1212م) نشبت المعركة بين الفريقين، وأقبلتمقدمة جموع الصليبيين الضخمة، فاجتاحوا الجند المتطوعة وكانوا في مقدمة الجيش،فأبادوهم عن آخرهم، وتمكنوا من الوصول إلى قلب الجيش الموحدي واشتبكوا معه، لكنالقلب صمد لهذا الهجوم الجامح، ولاح النصر للمسلمين. فلما رأى ذلك ملك قشتالة اندفعبقواته وقوات مملكتي ليون والبرتغال وكانت تمثل قلب الجيش الصليبي، واندفع وراءهملكا "أرغونة" ونبرة بقواتهما وكانا يمثلان جناحي الجيش، فأطبقا على الجيش الموحدي،من كل جانب، فاضطربت صفوفهم، ولاذ الجند بالفرار، مما أربك أوضاع الجيش الذي استسلمللهزيمة القاسية. وفر الناصر من ساحة القتال مع مجموعة من رجاله، وخسر المسلمونالألوف من المجاهدين في الأندلس، وعددا كبيرا من خيرة العلماء والفقهاء والقضاء،واستولى النصارى على معسكر الموحدين بجميع محتوياته من العتاد والسلاح والخياموالبسط والأقمشة والدواب، ولا تزال بعض أعلام الموحدين وخيمهم في معركة العقابمحفوظة في إسبانيا.
علم الموحدينوقد فجع الموحدون بهذه الهزيمة القاسية التي راحضحيتها الألوف من زهرة جنود المسلمين؛ مما أضعف دولة الموحدين، وأفقدهم هيبتهموقوتهم، وبعد وفاة الناصر سنة (610 هـ : 1213 م) بدأ الضعف يتسلل إلى الدولة،ويتطرق إليها الخلاف والفرقة، مما أضعف الأندلس، وشجع النصارى على تصفية ما بقيللمسلمين من أرض، واختزلت دولتهم في مملكة غرناطة في جنوب الأندلس.
أهم مراجع الدراسة:
ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون – دار الكتاب اللبناني – بيروت – 1981م.
محمد عبد الله عنان: عصر المرابطين والموحدين فيالمغرب والأندلس – مكتبة الخانجي – القاهرة 1411هـ = 1990م.
حسين مؤنس: تاريخ المغرب وحضارته – العصر الحديثللنشر والتوزيع – بيروت – 1412 هـ = 1992م.
السيدعبد العزيز سالم: المغرب الكبير (العصر الإسلامي)- الدار القومية للطباعة والنسرالقاهرة – 1966م.
عبد الله علي علام: الدولةالموحدية بالمغرب في عهد عبد المؤمن بن علي – دار المعارف – القاهرة – 1971م.
إبراهيم علي حسن: عبد المؤمن بن علي الكومي – دارالثقافة – الغرب – 1406هـ 1986م.
أحمد بن خالدالسلاوي: الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى ـ دار الكتاب ـ الدار البيضاء ـالمغرب ـ 1954م.
محمد عبد الله عنان ـ دولة الإسلامفي الأندلس ـ عصر المرابطين والموحدين ـ القاهرة ـ (1384هـ = 1964م).
السيد عبد العزيز سالم ـ المغرب الكبير (العصرالإسلامي) ـ الدار القومية للطباعة والنشر ـ القاهرة ـ 1966م.
هشام أبو رميلة ـ علاقات الموحدين بالممالكالنصرانية والدول الإسلامية في الأندلس ـ دار الفرقان ـ عمان ـ (1404هـ = 1984م)
عبد الله جمال الدين ـ تاريخ المسلمين في الأندلس ـدار سفير ـ القاهرة ـ 1996
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دولة الموحدين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دولة الموحدين
» الاسلام في الاندلس عصر الموحدين
» علاقات الموحدين بالممالك النصرانيه بالاندلس
» دولة الأغالبة
» دولة الأدارسة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
آداب دمنهور :: منتديات التاريخ الاسلامى :: منتدى التاريخ الاسلامى-
انتقل الى: