يبدأ التاريخ الموثق عن السودان من حوالي 50 قرناً أي خمسة آلاف سنة، ومصادر هذا التاريخ : - النقوش الفرعونية في مصر وبعض جهات السودان. - الهياكل العظمية في المقابر الفرعونية والمصرية والتي تعود للأصل الزنجي و الحامي. - المعدات النحاسية كالإزميل ، وحبات الخرز في السودان بالإضافة إلى العاج وريش النعام في مصر مما دل على وجود تبادل تجاري بين البلدين. في سنة 2750 ق.م هاجم الملك ( سنفرو ) السودانيين وحاربهم وهزمهم رغم استماتتهم في الدفاع بالقسي والنبال، وبلغ عدد أسراه 7000 من الرجال والنساء وكذلك حصل على 200.000 رأس من البقر والضأن. منذ ذلك التاريخ ارتبط التاريخ السوداني بالتاريخ المصري. ومن أشهر الحكام المصريين في السودان الملك ( يونا ) 2423ق.م الذي اشتهر بالعدل وحسن الإدارة بالإضافة إلى فتوحاته في السودان كما اهتم بتيسير التجارة والتبادل حتى كثر تصدير العاج ، ريش النعام ، العطور ، اللبان والخشب لصناعة السفن. ويذكر أن الرحالة ( حارخوف ) تجول في الأراضي السودانية حتى وصل إلى أعالي النيل جنوبا وإلى أقاصي الغرب وحمّل قافلة بمختلف محصولات تلك البلاد النائية مما فتح سبيلاً جديداً بين البلدين. فأصبح السودان بعد ذلك ذا أهمية لمصر إذ أضحى مصدراً للذهب الذي عشقه ملوك وفراعنة مصر. ومن الجدير بالذكر أن العلاقات المصرية السودانية ازدادت وكثر التزاوج بينهم ، وتفيد المخطوطات التاريخية أن عائلة الأمير ( أمنحات ) كانت مزيجاً ، وأن الوزير ( أمنحوتب ) كانت تجري في عروقه الدماء النوبية. أما في الطبقات الأخرى فمن المحتمل أن يكون التزاوج وصل حداً أبعد من ذلك. في غضون الحقبة التاريخية من 3000ق.م وحتى 900ق.م توثقت العلاقات الاجتماعية والسياسية وحتى من النواحي الإدارية فقد كان النظام المصري هو النظام السائد في تسيم المناطق وحامياتها وكان هناك الموظفون ومعظمهم من المصريين وقليل منهم من السودانيين، كما تركت القبائل السودانية تحت زعامة ملوك العشائر ولكن محاولاتهم للانفصال عن مصر كانت تقاوم بشدة. ولجأ المصريون إلى حمل أبناء الزعماء السودانيين إلى مصر كرهائن حيث وجدوا مكانة عالية ونشأة كأمراء المصريين بالإضافة إلى التعليم. في القرن العاشر ق.م بدأت مصر بالاضمحلال فانتهز السودانيون الفرصة واستقلوا عنها، واصبحوا ملوك النوبة وازدادت سلطتهم تدريجياً وتولوا رعاية الإله المصري آمون ، ثم اعتبروا أنفسهم مسؤولين عن البلاد بين البحر المتوسط و أواسط السودان. وكان من أهم ملوك السودان في عهد استقلاله الملك ( بعانخي ) الذي حكم السودان سنة 751ق.م وكان متأثراً بالحضارة المصرية كما كان يدين بديانة آمون. وقد سعى إلى ضم مصر إلى مملكته في السودان فأرسل حملة قوية حوالي سنة 730ق.م على إثر أنباء الفوضى التي دبت في مصر كما ورد إليه أن الملك (تافنخت) – أحد ملوك الدلتا – جهز جيشاً لطرد السودانيين فأرسل إليه (بعانخي) جيشاً قوياً حتى تحصن (تافنخت) في إحدى المدن فخرج إليه (بعانخي) من العاصمة السودانية ( نبتة ). حتى وصل إليه وحاصره بجيوشه لثلاثة أيام ، فتمكن منه فدانت البلاد من نبتة جنوبا إلى البحر المتوسط شمالاً للملك (بعانخي). كان الحكم السوداني عهد رخاء وسلام للبلدين عاش فيها ملوك السودان كالملوك والفراعنة المصريين حتى أن دفنهم كان يجري على الطريقة الفرعونية داخل أهرام ولكن هذه الأهرام أصغر حجماً من تلك الموجودة في مصر، ولا تزال بعض هذه الأهرامات موجودة حتى يومنا الحالي. استمر الحكم السوداني في مصر مدة 80 عاماً. وانتهى على أيدي الآشوريين الذين استولوا على مصر بعد عدة معارك كان النصر فيها سجالا. عقب تلك الفترة انتقلت العاصمة إلى مروي نسبة إلى قربها من السهول والحاصلات الزراعية و الثروة الحيوانية وكانت ملتقىً تجارياً هاماً بين شرقي السودان وبقية أرجاءه. ازدهرت مروي في القرن الثالث ق.م ازدهاراً شديداً حتى أن اليونان اعتبروها من مصادر الحضارة المصرية. واتسعت مروي وكثرت مبانيها وعرفت عند أهلها الكتابة للغتهم الأصلية، إلا أن طلاسمها لم تفك حتى الآن. ازدهرت العلاقة بين السودان واليونان في تلك الحقبة حتى حاول اليونان التغلغل في الأراضي السودانية في إطار توسعهم في الحكم، إلا أن السودانيين ردوهم على أعقابهم وحافظوا على استقلالهم السياسي. وفي أواسط القرن السادس الميلادي تنصر ملوك النوبة عقب الحملات التبشيرية المرسلة من مصر.