historical Administrator
الدولة : المحافظة : البحيرة المدينة : فى قلب الحدث الجامعة : الإسكندريه فرع دمنهور الكلية : كلية الآداب الفرقة : خريج قسم : التاريخ الشعبة : عامه عدد المساهمات : 2499 العمر : 37 الجنس :
| موضوع: الأفغان في أستراليا السبت 18 يوليو 2009, 00:40 | |
| الأفغان في أستراليا خلال السبعينات من القرن الماضي وكنت أعمل حينذاك بالمكتبة القومية في أستراليا، صادفتني بعض وقائع كشفت لي عن حقائق غريبة عن جماعة من المسلمين ظهرت مبكراً وبشكل درامي في تاريخ أستراليا، ثم اختفت أو تلاشت بشكل درامي كما ظهرت... كنت في بادئ الأمر أظن أن المسلمين لم يعرفوا طريق الهجرة إلى أستراليا إلا بعد الحرب العالمية الثانية، عندما أُلغي "قانون أستراليا البيضاء" الذي كان يحرّم على الأجناس الملونة دخول أستراليا.. وكانت لهذا القانون خلفية تاريخية وهو قانون عنصري قُصد به بصفة خاصة التخلص من الجنس الأصفر.. أو على وجه التحديد طرد الصينيين الذين جُلبوا إلى أستراليا للمساعدة في الحفر والبحث عن الذهب.. فلما نضبت مناجم الذهب، لم يعد وجود الصينيين مرغوباً فيه من جانب الأستراليين، فكان عليهم أن يعودوا من حيث أتوا. ولعلنا نجد اليوم أمثلة على ذلك في موقف أوروبا تجاه الأقليات الملونة التي سمح لها بدخول أوروبا لتعيد بناء ما خربته الحرب العالمية الثانية، ولتساعد هذه البلاد في استعادة صناعتها وزراعتها التي دمرتها الحرب، فلما استقام الاقتصاد وازدهرت الصناعة والزراعة وطغت التكنولوجيا الحديثة ظهرت نزعات عنصرية في أوروبا تهدف إلى طرد المهاجرين الملونين الذين اعتُبروا عبئاً على الاقتصاد وعلى البيئة وعلى الثقافة الأوروبية.. أول ما لفت نظري إلى موضوع الجماعة التي أشرت إليها آنفاً هذه الواقعة: جاءني من قبل إدارة المكتبة القومية أحد موظفي الحكومة الأسترالية يحمل كتاباً مطبوعاً بحروف غير مألوفة قدّرت الإدارة أنها ربما تكون هي اللغة العربية.. ولما كنت خبيرهم في العربية أحيل إليّ الموضوع.. قال الرجل: إن هذا الكتاب كان موجوداً في محكمة مدينة "دارون" منذ ما يقرب من مائة عام.. وقد قيل لي إنه كتاب مقدس كان الأفغان المسلمون يقسمون عليه عندما يُستدعى أحدهم إلى الشهادة في المحكمة.. فقلت له مندهشاً: أفغان مسلمون في دارون..؟ ومنذ مائة عام..؟ فأجاب الرجل: نعم.. هذا ما قيل لي.. فلما أخذت الكتاب وتفحصته وجدته مصحفاً طبع في تركيا منذ ثلاثمائة سنة.. ولقد أدهشني أكثر أن تحتفظ به محكمة دارون على مدى تلك السنوات الطويلة بهذه الحالة الجيدة.. أما الواقعة الثانية، فقد حدثت بعد ذلك بعام تقريباً عندما كنت أعمل في إحدى الأمسيات بقسم المراجع في المكتبة القومية، حيث جاءني شاب أسترالي في الثلاثينيات من عمره يطلب مني مساعدته في الحصول على كل ما كُتب عن الأفغان في أستراليا.. فسألته: هل لي أن أعرف سر اهتمامك بهذا الموضوع بالذات، وما هو مستوى المعلومات التي تخدم غرضك..؟ فأجاب: أما عن مستوى المعلومات، فأنا أعمل بالصحافة، وأدرس في نفس الوقت للحصول على الماجستير في تاريخ أستراليا.. أما سر اهتمامي بالأفغان بالذات، فلأن هذه الفئة من الأستراليين الأوائل – كما اعتقد – قد أدّوا خدمات جليلة لأستراليا وقاموا بدور مهمّ في تطويرها، ومن الإنصاف أن نتعرف على حقيقة هذا الدور... لفت نظري في هيئة هذا الباحث أمران متميزان، فرغم أن اسمه "مايكل" ولونه أبيض وعيناه زرقاوان، إلا أن استدارة رأسه والأغوار البعيدة التي تطالعك من عينيه جعلتني أشعر بأن وراء اهتمامه بموضوعه دوافع أخرى، ومن ثم سألته عن اسمه بالكامل..؟ فلما ذكره تأكد لي أنه – كما توقّعت – ينتمي إلى تلك الجماعة التي اندثرت آثارها من صفحات التاريخ الأسترالي.. وقد جاء سليل هؤلاء الأفغان يبحث عن قصة أصوله وأجداده متخفياً في رسالة ماجستير.. أما ثالثة الوقائع، فقد حدثت عندما كنت أبحث في المكتبة عن مواد تصلح لدراسة السيد "مايكل" حيث وقع في يدي كتاب يحتوي على قصة الأفغان المسلمين في أستراليا ضمن قصص أخرى، ومؤلف هذا الكتاب يدعى "جورج فارول"، وأما كتابه فعنوانه: "أستراليون اندثروا"... لقد استمتعت بقراءة هذا الكتاب الشيق المثير بقدر ما انزعجت لما أصاب الأفغان المسلمين الذين انقرضوا من أستراليا، فأنا مغترب مثل الأفغان ومسلم مثلهم، فالأمر يحتاج إلى وقفة للتأمل والتفكير، وخاصة أنني كنت ألاحظ بوادر الانهيار في الهوية الإسلامية للجالية المصرية بأستراليا، كان هناك من يسمى "عبد الجليل"، فإذا به يصبح "جيل".. ومن كان اسمه مصطفى أصبح يدعى "ستيف"، هذا بالنسبة للجيل الأول من المهاجرين فماذا ينتظر الأجيال التالية في مستقبل الأيام..؟ (2) "جورج فارول" مغامر أسترالي باحث عن المتاعب لديه استعداد لركوب الصعاب، بحثاً عن أي معلومة غريبة تُرضي شغفه وتُشبع حبه للمعرفة.. رحل الرجل إلى المناطق النائية على أطراف الغابات وفي أعماق الصحراوات، سعياً وراء أخبار بعض جماعات من الأستراليين كان لهم في يوم من الأيام شأن في أستراليا، ولكنهم نتيجة تغيرات وظروف معينة.. انقرضوا أو ذابوا في نسيج المجتمع الكبير... كان "جورج فارول" يعتقد أن هذه الجماعات المنقرضة قد أدّت أدواراً مهمة في تطوير أستراليا وتعميرها، رغم تجاهل المؤرخين لهذه الأدوار، ولذلك يرى أن أبسط ما يجب نحو هؤلاء الناس هو التّعرف على حقيقة هذه الأدوار والتنويه بأصحابها... أمضى الرجل سنوات من عمره يرتحل من مكان لآخر يجمع المعلومات ويلتقي بشخصيات من أبناء هذه الجماعات كانت مصدراً من مصادر كتابه المشار إليه، والذي اختار له عنواناً دالاً على طبيعة موضوعه: ( أستراليون اندثروا )... في هذا الكتاب أعاد المؤلف إلى الأذهان صورة الحياة اليومية التي عاشها هؤلاء الناس، وصوّر المعاناة التي عانوها والإنجازات التي حققوها وفترات الازدهار التي تمتعوا بها، ثم يصف لنا كيف تقلّبت بهم الأيام وتغيّرت الحياة، فتدهورت صناعتهم وكسدت تجارتهم واضمحلت مكانتهم وتفرقوا في شعاب الأرض... من هؤلاء الأستراليين الأوائل الذين انقرضوا وتبدّدوا كانت جماعة من المسلمين الهنود من سائقي الجمال "الإبل" جاءوا بحيواناتهم وأدواتهم وزوجاتهم ليعيشوا ويعملوا في أستراليا، فكانوا بذلك أول المسلمين الذين تطأ أقدامهم أرض القارة البكر، غير أنهم عُرفوا هناك باسم الأفغان. ويبدو أن هذه التسمية ترجع إلى أن هؤلاء الناس جاءوا من قبائل كانت تسكن مناطق الحدود بين الهند وأفغانستان [ لم تكن باكستان قد أُنشئت بعد..]، وهي قبائل ذات أصول واحدة، وإن توزعت على الحدود بين البلدين... (3) تبدأ قصة المسلمين الأوائل في أستراليا خلال ستينيات القرن التاسع عشر، وعلى وجه التحديد سنة 1860، عندما ظهرت الحاجة إلى استكشاف الصحراء الأسترالية الشاسعة واستغلال ثرواتها، فقد استطاع المستعمرون الإنجليز أن ينتشروا على الشريط الساحلي الخصيب الذي يحف بالقارة، ولكنهم لم يستطيعوا التوغل في وسطها الصحراوي لافتقارهم إلى وسائل النقل المناسبة، فجاء سير ( توماس ألْدر ) بالحل، حيث جلب معه إلى أستراليا 120 جملاً يصحبها سائقوها الذين أُطلق عليهم – كما ذكرنا – اسم الأفغان. بقدوم هؤلاء الأفغان ابتدأت صفحة جديدة في تاريخ أستراليا، فقد بدأت الاستكشافات في الصحراء، وامتدت إليها السكك الحديدة ووصلت إليها المياه، ونُقلت الأدوات والمعدات والمواد اللازمة لبناء المزارع والمساكن والمناجم، وانفتحت بذلك على أستراليا كنوز من الثروات الطبيعية من الذهب والفحم والحديد... قبل استيراد الجمال، كانت الثيران هي سيدة وسائل النقل في الغابات وفي المناطق الجبلية والساحلية التي انتشرت فيها المراعى وازدهرت صناعة قطع الخشب، ومن ثم اتجه النظر إلى جلب الجمال من خارج أستراليا. ولما كانت قيادة الجمال تحتاج إلى خبرة ومهارة خاصة، فإن استجلاب سائقي الجمال الأفغان كان ضروريا أيضاً.. وبقدوم الأفغان بدأت أستراليا تشهد صورة جديدة من الناس مختلفين في لونهم وفي دينهم وملبسهم وأسلوب حياتهم وعمائمهم الملونة.. وشهدت الصحراء الأسترالية على مدى عشرات السنين قوافل الجمال تتهادى في سيرها قاطعة مئات الأميال يقودها هؤلاء الأفغان صامتين متميزين بسمت وقور رزين، متحلَّين بأخلاق الصبر والشهامة والحكمة والأدب.. عمل الأفغان في دأب فنقلوا للمستكشفين أدواتهم وإمداداتهم من الطعام والشراب وأرشدوهم إلى مصادر المياه في أرض الصحراء، ونقلوا للعاملين في المزارع والمناجم مُعدّات الحفر وأسلاك الأسوار، كما نقلوا الحديد والخشب اللازمين للبناء، ونقلوا القضبان الحديدية والفلنكات لبناء السكك الحديدية التي ربطت قلب الصحراء بسواحل القارة، وفي مرحلة لاحقة اشتغلوا بنقل الصوف من مزارع الأغنام إلى موانئ الأنهار حيث كانت تحملها السفن إلى مناطق التسويق... كانت رحلات القوافل طويلة بطيئة، ولكن لم يكن هناك بديل عنها حتى بعد أن ظهرت سيارات النقل في أعقاب الحرب العالمية الأولى، فقد ظلت قوافل الجمال تُرى وهي تنقل أخشاب الوقود في جنوب أستراليا كما رُؤيت في مناطق أخرى تنقل المياه لمزارع الأغنام في براميل محمولة على عربات تجرها الجمال... ويبدو أن الأستراليين البيض كانوا يريدون التخلص من الأفغان، فحاولوا استخدام الجمال بأنفسهم ولكنهم لم يفلحوا، وهنا يذكر لنا ( جورج فارول ) أن الجمل يتمتع بتركيبة عضوية وفسيولوجية خاصة، علاوة على قدرته التي لا تُبارى على الجوع والعطش والصبر والنفس الطويل في قطع المسافات الشاسعة دون كلل أو تعب، وأنه يحتاج إلى قائد ماهر يعرف خصائصه وطباعه ويحسن معاملته وتدريبه، وأن هذه الخبرة لم تتوافر في أستراليا لغير الأفغان...
| |
|
historical Administrator
الدولة : المحافظة : البحيرة المدينة : فى قلب الحدث الجامعة : الإسكندريه فرع دمنهور الكلية : كلية الآداب الفرقة : خريج قسم : التاريخ الشعبة : عامه عدد المساهمات : 2499 العمر : 37 الجنس :
| |
برينسس الشيماء مشرف سابق
الدولة : المحافظة : البحيرة المدينة : دمنهور الجامعة : الإسكندريه فرع دمنهور الكلية : كلية الآداب الفرقة : الثالثة قسم : التاريخ الشعبة : عامه عدد المساهمات : 2674 العمر : 33 الجنس :
| موضوع: رد: الأفغان في أستراليا السبت 01 أغسطس 2009, 23:44 | |
| يسلمووووووووو على المعلومات الراقية والعرض المبدع
دمت فى تميز ورقي | |
|
وفاء VIP
الدولة : المحافظة : البحيرة الجامعة : جامعة الإسكندريه الكلية : كلية الآداب الفرقة : الثالثة قسم : التاريخ الشعبة : عامه عدد المساهمات : 1075 العمر : 32 الجنس :
| موضوع: رد: الأفغان في أستراليا الأحد 02 أغسطس 2009, 12:22 | |
| موضوع ممتاز جزاك الله خيرا والى مزيد من التميز | |
|